ماء الحیاة
ما المعنی العرفاني لماء الحیاة؟ وهل لهذه العین وجود خارجي علی وجه الارض أم لا؟
المقدمة [تعديل]
حقیقة (ماء الحیاة) أو (عین الحیاة) هي العین الازلیة التي هي منشأ حیاة
عالم الوجود . و قد جاء في الحديث أن هذه العین جرت من أحد أرکان العرش
[۱] و ان عباد الله المقربین یشربون من هذه العین بایدي
الملائکة .
[۲]
هل لهذه العین وجود خارجي علی وجه الارض أم لا؟ [تعديل]
لا یبعد امکان البحث عن وجود مثل هذه العین بصورة رمزیة، لان لکل حقیقة عرشیة و سماویة تمثل في عالم الظاهر، و قد ورد في بعض الروایات: " و أما أول عين نبعت على وجه الأرض فإن اليهود يزعمون أنها العين التي نبعت تحت صخرة بيت المقدس و كذبوا و لكنها عين الحياة التي نسي عندها صاحب موسى السمكة المالحة فلما أصابها ماء العين عاشت و سربت فاتبعها
موسى (ع) و صاحبه فلقيا
الخضر "
[۳] .
الماء الحقیقی [تعديل]
و لتسليط الضوء على القضية بصورة أتم نرى من الضروري التعرض لمعنی (الماء الحقیقی) من وجهة نظر القرآن، فقد ورد في القرآن الکریم: "وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً "
[۴] .
أي أنه حتی قبل خلق الماء الظاهري کان الماء الحقیقي موجوداً و کان هو منشأ حیاة جمیع ما فی الوجود ( مثل
نور الوجود) و أن الماء الظاهري يعد تمثلاً و تجسماً مادياً لذلك الماء الحقیقي.
و لمّا كانت حیاة عالم المادة و حیویتة معتمدة على توفر الماء الظاهري أیضاً.
من هنا یمکن تصور کیفیة کون کل ما في عالم الوجود حیاً بالماء الحقیقي و عین
الحیاة الازلیة و الابدیة.
وطبقاً لقصة
ماء الحیاة فان حضرة الخضر (ع) یعتبر نموذجاً لسالک الطریق الذي یبحث عن هذا الماء و قد شرب منه في النهایة واتصل باصل الحیاة الحقیقیة.
و مع ذلک فان هذا المقام لا یختص بالخضر و إن نسب الیه؛ و ذلک لان الائمة و الاولیاء العظام شربوا من هذه العین الازلیة للحیاة.
سر طول عمر الانبياء و الاولياء [تعديل]
والامر الآخر في قصة الخضر– الذي هو نموذج للولي و الامام الحي و الانسان الکامل الذي یعیش في قالب جسماني – هو ان جسم من یصل الی هذا المقام یکون ذا حیاة نوریة ناشئة من ماء الحیاة الحقیقیة.
و من هنا نعرف أن سر طول عمر
الامام المهدي (عج) و الخضر و
الیاس و...في الثقافات المختلفة یکمن في هذه الحقیقة.
وبناءً علی هذا فان التعرض لدراسة عین الحیاة بعیداً عن المعارف القرآنیة و العرفانیة ابتعاد عن الحقیقة.
و نشیر فیما یلي الی نص للسید حیدر الآملي في توضیح معنی الحیاة: «عين الحياة هو باطن الاسم الحىّ، الذي من تحقّق به شرب من ماء عين الحياة، الذي من شربه لا يموت أبدا، لكونه يحيا بحياة الحقّ، و كلّ حىّ في العالم يحيا بحياة هذا الإنسان، لكون حياته حياة الحقّ و الى ماء هذا العين أشار جلّ ذكره: "وَ جَعَلْنا من الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ".
[۵]
و اليه أشار في قوله تعالى: "عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ الله يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً".
[۶]
و هي المسمّاة بالعين الكافورىّ و الحوض الكوثر في قوله تعالى: "إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ من كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً".
[۷]
و قوله: "إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ".
[۸]
و إليها نسب الخضر- عليه السلام- لانّه شرب منها قطرة.
و بالحقيقة (عين الحياة) هي عين الولاية الاصليّة و منبع النبوّة الحقيقيّة.
و إليها أشار
أمير المؤمنين علىّ- عليه السلام: "انّ للَّه تعالى شرابا لأوليائه. إذا شربوا منه سكروا، و إذا سكروا طربوا، و إذا طربوا طلبوا، و إذا طلبوا وجدوا، و إذا وجدوا وصلوا، و إذا وصلوا اتّصلوا، و إذا اتّصلوا لا فرق بينهم و بين حبيبهم".
و بالحقيقة الظلمات المشهورة عبارة عن ظلمات عالم الطبيعة، و مقام الكثرة، و البعد عن هذا المقام. و ماء الحياة (عبارة) عن اخراج السالك عن هذه الظلمات، و وصوله الى هذه العين التي هي عين الولاية و مقام التوحيد الحقيقىّ.
و الإسكندر و الخضر- عليه السلام- في طلب هذه العين، عبارة تارة عن النبىّ، و تارة عن
الولىّ ، و وجدان الولىّ دون ا
لنبىّ في نشأة معيّنة لا مطلقا، لانّ أمثالهم لا يطلب هذه العين في الخارج بحيث يشاهدها حسّا».
[۹]
المراجع [تعديل]
المصدر [تعديل]
موقع اسلام كوئست