صفة المدرك - ويکي‌السؤال 


نقل النص بشکل PDF
صفة المدرك


هل يمكن اطلاق صفة المُدرك على الله تعالى؟


المقدمة [تعديل]

جاء في كتاب الله المجيد في وصف الباري تعالى " لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَ هُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَ هُوَ اللَّطيفُ الْخَبيرُ" [۱]
و مدرك على وزن "فاعل" اسم من اسماء الله تعالى. [۲] كذلك ورد في القرآن الكريم و الروايات توصيف الله تعالى بالمُدرك، [۳] و صفة "مُدرك" في الرواية تأتي بنفس المعنى الذي ورد في الآية الشريفة " یُدْرِكُ".

آراء المتكلمين في صفة المدرك [تعديل]

قد وقع البحث بين المتكلمين حول صفة الادراك هذه و اختلاف الآراء فيها، من هنا نحاول الاشارة الى ما ذكرة الشيخ السبحاني في كتاب الالهيات:
قد عدّ بعض المتكلمين الإِدراك من صفاته، و المدرِك بصيغة الفاعل من أَسمائه، تَبَعاً لقوله سبحانه: «لَّاتُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ».
و لا شك أَنَّه سبحانه بحكم الآية الشريفة مُدْرِك، لكن الكلام في أنَّ الإِدراك هل هو وصف وراء العلم بالكليّات و الجزئيات؟، أو هو يعادل العلم و يرادفه؟، أو هو عِلْم خاص و هو العِلم بالموجودات الجزئية العَيْنِيّة، فإِدراكُه سبحانه هو شهود الأَشياء الخارجية ووقوفه عليها وقوفاً تاماً؟.

← رأي العلامة الطباطبائي
يقول العلامة الطباطبائي: الأَلفاظ المستعملة في القرآن الكريم في أَنواع الإِدراك كثيرة ربما بلغت العشرين كالعِلْم والظَّن و الحُسبان و الشعور و الذِكر و العِرفان والفَهْم و الفِقْه و الدِراية و اليقين و الفِكر و الرَأي و الزَّعم و الحِفْظ و الحِكْمة و الخِبْرة و الشَّهادة و العَقْل و يلحق بها مثل القَوْل و الفَتوى و البَصيرة.
و هذه الأَلفاظ لا تخلو معانيها عن ملابسة المادَّة و الحركة و التَّغيّر ، غير خمسة منها و هي: العِلْم الحفظ و الحكمة و الخبرة و الشهادة. فلأجل عدم استلزامها النقص والفقدان استعملت في حقه سبحانه. قال تعالى: «وَاللَّهُ بِكُلّ شَي‏ءٍ عَلِيمُ» [۴] .
و قال تعالى «وَ رَبُّكَ عَلَى‏ كُلّ شَي‏ءٍ حَفِيظٌ» [۵] .
و قال تعالى: «وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» [۶]
و قال سبحانه: «إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ». [۷]
و قال تعالى: «أَوَ لَمْ يَكْفِ بِرَبّكَ أَنَّهُ عَلَى‏ كُلّ شَي‏ءٍ شَهِيدٌ» [۸] [۹].

← ادراك سبحانه وتعالى
و بذلك يظهر أنّ إدراكه سبحانه ليس شيئاً وراءَ ما جاءَ في هذه الآيات و عبّر عنه بالعليم و الحفيظ و الخبير و الحكيم و الشهيد. و الأقرب هو كونه بمعنى الأَخير (الشهيد)، فشهوده للموجودات و حضورها لدى ذاته و قيامُها به قيام المعنى الحرفي بالإِسمي، معنى كونه مدركاً للأَشياء «لَّاتُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ». [۱۰] [۱۱]

اختلاف المتكلمين حول الاسماء و الصفات [تعديل]

و الجدير بالذكر ان المتكلمين لم يختلفوا في جواز اطلاق الاسماء و الصفات التي ثبت ان الله تعالى اطلقها على نفسه، و المنع من اطلاق الصفات التي صرح الشرع بمنع اطلاقها عليه سبحانه، نعم، وقع الخلاف في الامور التي لم يصرح بالاذن فيها و لم يصرح بمنع اطلاقها على ذات الله تعالى، و بقيت كحالة برزخية بين المنع و الجواز.

توقيفية الاسماء و الصفات [تعديل]

حيث ذهب بعض الاعلام الى نفي توقيفية الاسماء و الصفات ؛ بمعنى أنه لا يشترط في إطلاق الصفة أو الاسم على الله تعالى وجودها في آية أو رواية، بل يكفي في كون الاسم أو الصفة غير موهم و يكون من الامور التي لا يستحيل وصف الباري بها. و في المقابل ذهب بعض الاعلام الى القول بتوقيفية الاسماء و الصفات و أنه لا يمكن وصفه تعالى الا بما جاء في الكتاب أو السنة الصحيحة. و هناك طائفة ثالثة ذهبت الى التفصيل بين الاسماء و الصفات فقالت بتوقيفية الاسماء دون الصفات. [۱۲]

المراجع [تعديل]

۱. الانعام، ۱۰۳.   
۲. السبحاني، جعفر، ‏الإلهيات على هدى الكتاب و السنة و العقل، ج ۱، ص ۱۶۳، المركز العالمي للدراسات الإسلامية، قم، ۱۴۱۲ ق.‏
۳. من قبيل: «وَ اللَّهِ‏ الَّذِي لا إِلهَ إِلَّا هُوَ... الْمُدْرِكُ‏ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَ الْعَلَانِيَةَ»؛ الطوسي، محمد بن الحسن، تهذيب الأحكام، تحقيق و تصحيح: موسوي خرسان، حسن، ج ۶، ص ۳۱۹،‏ دار الكتب الإسلامية، طهران، الطبعة الرابعة، ۱۴۰۷ق.
۴. النساء، ۱۷۶   
۵. سبأ، ۲۱   
۶. البقرة، ۲۳۴   
۷. يوسف، ۸۳   
۸. فصلت،۵۳   
۹. الميزان، ج ۲، ص ۲۵۹- ۲۶۱.   
۱۰. الانعام،۱۰۳   
۱۱. انظر: الإلهيات على هدى الكتاب و السنة و العقل، ج ۱، ص ۱۶۳.
۱۲. المیزان في تفسیر القرآن، ج ۸، ص ۳۵۸ و ۳۵۹، مكتب الاعلام الاسلامي، قم، الطبعة الخامسة، ۱۳۷۴ش.   


المصدر [تعديل]

موقع اسلام كوئست   




أدوات خاصة
التصفح
جعبه‌ابزار